هل نقابل العنف بالعنف أم بالتسامح؟
مقالة جدلية حول العنف والتسامح
اهلا مرحباً بكم طلاب وطالبات bac 2025 في صفحة ثقافة قلم التعليمية يسرنا بزيارتكم أن نطرح عليكم مقالة فلسفية حول مقالة العنف والتسامح خاصة بتلاميذ السنة الثالثة ثانوي شعبة اداب وفلسفة 2024 2025 بمنهجية صحيحة بطريقة جدلية وهي كالتالي
نص السؤال الفلسفي // مقالة جدلية حول العنف والتسامح
هل نقابل العنف بالعنف أم بالتسامح؟
المقدمـة وهي طرح المشكلة : إذا كان العنف هو كل سلوك أو أسلوب يضغط به شخص عن إرادة الآخرين . علما انه نوعين مادي ومعنوي . بناء على هذا اعتبرنا أن الإنسان أناني بطبعه ، فان الأنانية تجعله لا يفكر إلا في نفسه أو سعادته الفردية ، لذا فان الحياة بالأساس كانت دائما تخضع لمنطق القوة ، ولما كان لكل إنسان الحق في أن يهاجم غيره متذرعا . بان ذلك سبيل الدفاع عن حقه والاحتفاظ به ، فقد نتج عن ذلك استعمال العنف ضد الآخرين، غيران الفلاسفة اختلفوا في مقابلة العنف بآخر مماثل ، فمنهم من قال يجب مقابلة العنف بالعنف ، في حين هناك من قال يجب أن يقابل العنف التسامح .وأمام هذين الموقفين يمكننا أن نتساءل : هل من الحكمة أن نقابل كل عنف بآخر مضاد،أم نقابله بالتسامح و اللاعنف؟.
محاولة حل المشكلة :
الأطروحة الأولى : ( العنف أمر مشروع يجب اللجوء إليه): ينطلق أنصار هذه الأطروحة من مسلمة مفادها أن العنف مبرر و مشروع أخلاقيا و دينيا ، حيث يرى هيرقليطس أن الحرب هو أبو سائر الأشياء ، فلابد من تحطيم ونفي الشيء حتى يظهر شيء آخر . والمبرر الثاني أن العنف وسيلة فعالة للمحافظة على استمرار النوع وهذا واضح في عالم الحيوان ، ويمكن أن ينسحب على الإنسان . والعنف عند فرويد ميل طبيعي مصدره الصراع بين الايروس أو نزعة الحياة والثناطوس أو نزعة الموت . والعنف عند انجلز مبرر لأنه مصدر تغيير الوضع السيئ في المجتمع ، ومن نافلة القول انه ضروري عند الدفاع عن النفس وغيرها والعنف أصل البناء عند أصحاب المادية الجدلية . هيغل +ألبير كامو +ماوو+نتشه
يقول المفكر والشاعر العربي المعاصر أدو نيس : " أُعجَب كثيرًا بشخص شيغيفارا، و بحضوره الجمالي، بحبِّه للحياة. غير أنني لا أُعجَب بالطريقة التي اتَّبعَها في العمل التحرري ".كما يرى أصحاب هذا الطرح بان العنف أمر مشروع وله ما يبرره من الناحية الدفاعية ، فالإنسان يلجا إلى العنف من اجل التغيير خاصة تغيير الوضع الاجتماعي السائد إذا كان فاسدا . ومن دعاة هذا الموقف نجد كارل ماركس وميكيافلي ومن بين الأدلة المعتمدة نجد : العنف هو أصل لكل العالم ومحركه وهو ما جاء به هيروقليدس قديما حيث قال : (لكي يجب أن توجد الأشياء ، يجب أولا نفيها .... لان القتال أبو سائر الأشياء وملك كل شيء ). لذا لجا الإنسان إلى العنف منذ القديم للدفاع عن نفسه أو لتامين طعامه أو امن هاو طلبا للمجد ، وبالتالي فهو قصد عدواني من اجل نفي الآخر الذي قد نحقد عليه أو نكرهه على حد تعبير الفيلسوف غوسدروف :( إن ازدواجية الأنا والآخر تتألف في شكل صراع ، والحكمة من هذا التأليف هو إمكانية الاعتراف المتبادل ). هذا وقد أكد سيغموند فرويد بان العنف هو ميل عدواني طبيعي لأنه هو أصل سلوكات الإنسان ، وبالتالي فان مصدر العنف هو صراع بين نزعتين أساسيتين نزعة الحياة ونزعة الموت في قوله :( الإنسان كائن يتحتم عليه لان يضع في حساب معطياته ،نصيبا كبيرا من العدوانية كإحدى تجليات الممارسة العنيفة). كما قد يكون العنف وسيلة من وسائل الاسترجاع للحقوق المغتصبة وبالتالي يولد مجتمعا جديدا . كما قال انجلز :( لأنه وسيلة للقضاء على التفاوت الطبقي الاجتماعي ، وبالتالي القضاء على الظلم والجور)، وهو ما أكده كارل ماركس : في دعوته إلى التغيير عن طريق الثورة لكسر الاستغلال والطبقية فهذا العنف ايجابي وبناء ن لأنه يهدف إلى تغيير الوضع الاجتماعي وتصحيح الوضع السيئ من اجل تحقيق المساواة وإقامة العدل في المجتمع .
النقد والمناقشة : لكن من الملاحظ أن أنصار هذا الموقف اخذوا على عاتقهم غلوا وتطرفا في موقفهم الداعي إلى تبرير العنف ، وذلك لان الإنسان يتميز عن سائر المخلوقات وان التشريع الذي يحكمه هو تشريع القانون وليس تشريع الغابة .فهو مخلوق مسؤول عن أفعاله وتصرفاته ، فقد كرمه الله بنعمة العقل وفضله على سائر ما خلق . كما انه يجب منطق العنف مهما كانت أشكاله وأنواعه ماديا كان أو معنويا ، لأنه في الأخير يؤدي إلى انتشار جميع الشرور ، وبالتالي الآفات الاجتماعية والإجرام وبالتالي فان العنف المبرر ، لا يمكن أن يكون في الواقع إلا حجة لكل المجرمين .
نقيض الأطروحة : (لا يقابل العنف بالعنف بل بالتسامح) : قد يكون المفكر فرح أنطون هو أول من أفاض في الحديث عن مبدأ التسامح بوصفه القاعدة الأولى للدولة المدنية الحديثة، حيث توقف عنده طويلاً ، وكان يعرف عنده تحت مسمى التساهل وليس التسامح ، وهو عنده السياسة التي يتجمل بها المرء في التعامل، مع كل ما لا يوافق عليه، ويصبر عليه. وينبّه فرح أنطون إلى أن مفهوم التسامح ـ التساهل ـ جديد على الثقافة العربية، لهذا حدده في ضوء أراء الفلاسفة الذين يؤمنون بأن الإنسان يجب عليه ألا يدين أخاه الإنسان على أساس من المعتقد الديني، أو العرقي أو الطائفي ، أو الإيديولوجي ، بل يتعامل معه بوصفه إنسان مثله. هذه الأفكار الأساسية التي بسطها فرح أنطون كانت في جانب منها، مرتبطة بمحاولته مواجهة التعصب الديني في لبنان الذي دفع بالكثير من المثقفين المسيحيين إلى الهجرة خوفًا من الاضطهاد المذهبي. وكان فرح أنطون من بين هؤلاء المهاجرين، الذين يبحثون عن هامش أوسع من الحرية الفكرية . هذا وقد رأى بعض الفلاسفة وخاصة فولتير من خلال كتابه: "مقالة في التسامح". بان التسامح هو قانون الطبيعة العالمي ويدعو إلى التسامح في جميع المجالات وخاصة في المجال الديني ، لان الابتعاد عنه يؤدي إلى ماسي في قوله :( إننا أبناء من نفس الأب ، ومخلوقات من نفس الإله وإننا عجين من النقائص والأخطاء لنتسامح انه قانون الطبيعة الأول ) ولقد سبق الإسلام بالدعوة إلى احترام اختلاف الناس في توجهاتهم ومللهم قال تعالى :( ولو شاء ربك لجعل الناس امة واحدة ولا يزالوا مختلفين ....). وعلى هذا علم المسلمين انه يتوجب عليهم ألا يحقدوا ولا يضطهدوا من يخالفهم في الملة فهذا النبي صلى الله عليه وسلم ينفذ مبدأ التعايش السلمي عندما هاجر إلى المدينة المنورة فقد عقد مع اليهود عقدا كان أساسه التعاون لقوله تعالى :( وان تعفو اقرب إلى التقوى ولا تنسوا الفضل بينكم ) وقد جاء في السنة ما نصه :( إن الله رفيق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف). كما رأى جون لوك بان التسامح شامل ومطلق وقد جاء هذا من خلال دعوته إلى الفصل بين السلطتين (سلطة السماء وسلطة الأرض). لان كل إنسان ينتمي إلى مجتمعين : المجتمع المدني فلو أقيم الفصل بين الدولة والكنيسة لكان التسامح مشكلة غير مطروحة . إضافة إلى هذا يؤكد أنصار هذا الطرح بان اللاعنف هو الطريقة الانجح للحفاظ على الاستقرار والأمن لأنه يعبر عن النظرة السامية للإنسان الذي يجب أن يعامل كغاية وليس كوسيلة على حد تعبير كانط:( اعمل دائما بحيث تعامل الإنسانية في شخصك وفي أشخاص الآخرين غاية لا كمجرد وسيلة ). وقد جعلوا منه بديلا للعنف كسلوك وكأخلاق ومن فروع اللاعنف الحوار والمناقشة والتسامح في مختلف الميادين داخل المجتمع من اجل دفعه إلى التطور والرقي وهذا ما قامت به الدولة الجزائرية في مشروع "المصالحة الوطنية". وبالتالي فاللاعنف هو أسلوب فعال لمحاربة الشر دون تغذيته يقول غاندي :( اللاعنف هو قانون الجنس البشري ، كما أن العنف هو قانون البهيمة )
النقد والمناقشة : لكن هؤلاء الفلاسفة بالغوا في دورهم بدفاعهم عن مطلقية التسامح ، لان ذلك يؤدي إلى فقدانه وتأثيره في المجتمع ، لان التسامح الشامل يؤدي إلى الانحلال وظهور بعض الآفات الاجتماعية. كما أن اللاعنف الذي قد يعد في بعض الأحيان تنازلا وتخاذلا عن حقوق الأفراد وممتلكاتهم وهو ما يؤدي إلى تذليل النفس أمام مجتمع لا يرحم .لهذا فالتسامح قد يكون ذريعة إلى أصحاب النفوس الضعيفة والماكرة من اجل التسلط وبسط نفوذهم وقوتهم من اجل الاستلاب والمكر ، لذا وجد العقاب ، فالعنف مبرر في هذه الحالة.
التركيب : وعموما من الواجب علينا أن نجعل من العنف والتسامح مبدأين : مشروطين وغير مطلقين وهو وجه الاعتدال حتى لا يتحول الأول إلى ظلم والثاني إلى خذلان ،وتقاعس في رد الحقوق إلى أصحابها ، إلا أن الموقف الصحيح هو الذي يدعو إلى التسامح. لان العنف مرفوض وغير مشروع مهما كانت المبررات ، لأنه ليس وسيلة لتعديل سلوك الإنسان وبالتالي فسلبياته أكثر من ايجابياته ، كما أن الشواهد التاريخية تؤكد على أن الكثير من الدول وخاصة الجزائر استطاعت أن تقضي على دائرة العنف بفضل مبدأ التسامح "الوئام المدني" .
الخاتمة وهي حل المشكلة :
الخاتمة: وفي الأخير نستنتج انه من الحكمة أن نوازن بين العنف والتسامح بحيث يكون أساس هذا التوازن هو الذات الإنسانية ، لأنه من طبيعتها تميل إلى الوسطية ، وهو ما أقرته الشريعة الإسلامية وبالتالي فان أحسن وسيلة هي الحد من تأثيرات دائرة العنف أي دعوة إلى التكامل الموجود بين العنف والتسامح . وذلك حسب ما تقتضيه الضرورة .