هل الحرية حالة شعورية أم عمل وتحرر؟

ثقافة قلم
المؤلف ثقافة قلم
تاريخ النشر
آخر تحديث

مقالة جدلية باك 2024 2025 هل الحرية حالة شعورية أم عمل وتحرر؟

موقع ثقافة قلم التعليمي تحليل نص السؤال الفلسفي القائل هل الحرية حالة شعورية أم عمل وتحرر؟

 الإجابة الصحيحة هي 

هل الحرية حالة شعورية أم عمل وتحرر؟

  المقدمـة وهي طرح المشكلة :

نحن ندرك جيدا أنه لا شيء أروع من الحرية " فهذا ما كان يتردد على ألسنة البشر فالحرية هذه الإشكالية الكبيرة والمعقدة للغاية ُطُرحت قديما وحديثا ولازالت تطرح بقوة في عصرنا الراهن إنها إشكالية وطرح ميتافيزيقي لاقى إجابات متعددة عبر التاريخ فهناك من يرى أن الحرية عمل وتحرر مستمر وهناك من يرى أن الحرية هي وعي شعوري دون العمل بها وعلى ضوء هذا نطرح الإشكال التالي: هل تتجلى الحرية في استقلالنا عن الطبيعة أم في العمل في تغييرها؟ وبعبارة أخرى هل الحرية مسألة نظرية أم عملية؟ وإذا كان من الوهم الانفلات من قوانين الكون فكيف نحقق حريتنا؟.

محاولة حل المشكلة :

الاطروحة :يرى أصحاب هذا الموقف أن الحرية حالة شعورية وهي مسألة نظرية تدرك بالحدس النفسي، بل هي معطى أولي و في نظرهم أن الحرية تجربة داخلية يشعر بها الإنسان قبل الفعل ومثلوا ذلك بالندم فالندم ظاهرة نفسية تدل على الإنسان يُحمل نفسه مسؤولية أفعاله لأن اختارها بمحض إرادته وبحرية كاملة ومن المؤيدين لمثل هذا الموقف نجد الفرقة الإسلامية"المعتزلة" الذي شاع عنهم هذا القول:" الإنسان يحس من تلقاء نفسه وقوع الفعل فإذا أراد الحركة تحرك وإذا أراد السكون سكن ومن أنكر ذلك جحد الضرورة الإلهية"، وفي هذا المقام نجد براغسون الذي ربط بين الأنا السطحي والانا العميق حيث خرج بنتيجة مفادها أن الأنا العميق تتجلى فيه الحرية، والتجربة النفسية تثبت ذلك لأنه لا توجد حدود أو ضوابط تقف أمام الأفكار؟، ومن أشهر فلاسفة الحرية في العصر الحديث نجد جون بول سارتر صاحب مذهب الوجودية " وصاحب فكرة " الوجود أسبق من الماهية " حيث يعتقد أن حياة الإنسان عبارة عن مشروع يجب إنجازه في ظل الحرية والمسؤولية و استدل على ذلك بتجربة أطلق عليها إعدام الأشياء أي القدرة على الرفض فقال: " ليست الحرية خاصتي مضافة إلى وجودي بل هي نسيج وجود نفسي". وملخص هذه الأطروحة أن الحرية معطى مباشر للشعور.

النقد: والمناقشة :إن الشعور لا يكفي وحده ، فقد يكون مصدرا للوهم والخداع ، قد تكون الحرية حالة شعور مجرد وهم وخيال لكن الحرية الفعالة والحقيقة هي التي تحررنا من قيود الطبيعة وأغلالها ذلك من خلال فك ألغازها وأسرارها بفعل العمل لتسخير الطبيعة بالعلم.

نقيض الاطروحة: يرى أصحاب هذا الموقف أن الحرية إنما هي بالممارسة والعمل لا ترتبط بالشعور فالحرية من حيث المفهوم هي تجاوز كل إكراه داخلي أو خارجي مع وعي الإنسان بالأسباب الدافعة إلى ذلك فالحرية لا يمكن أن ترتبط بالشعور الذي يوهمنا ويحجب عنا الأسباب والدوافع الحقيقية ، فبعض الأشخاص يظنون أنهم أحرارا لرغباتهم ولكنهم يجهلون الأسباب التي تسوقهم ليرغبوا ويشتهوا فالحرية الحقيقية هي الحرية التغيير وإحداث ثورة علمية على الطبيعة وفهم مختلف الظاهر بفهم قوانينها فهذا الفهم هو الشيء الوحيد والأوحد الذي يقودنا إلى مواجهة الأخطار والتمكن من التصدي للكوارث التي طالما كانت تقهر الإنسان لكن عند فهمها سيطر عليها الإنسان ليقهرها هو كذلك ، وفي هذا الطرح نجد الفيلسوف الألماني كار ماركس الذي حاول في قضية الحرية بأن يجعل الحرية عمل وممارسة من أجل إنقاص الطبقة المحرومة وجعلها تتنفس الحياة مثلما تنفستها الطبقة البرجوازية وإلى جانب كار ماركس نجد هناك هيجل الذي حاول أن يجعل الحرية عمل وممارسة أيضا وذلك من خلال جدلية "السيد والعبد" في قوله :" لقد أصبح الإنسان سيدا بعد أن كان عبدا للحرية"، والمقصود من قوله أن الإنسان وبفضل العلم والعمل أصبح سيدا بعد ما كان حبيس الطبيعة ، وملخص هذه الأطروحة : أن العمل والعلم أساس التحرر.

النقد: والمناقشة :إن هذا الموقف صاحب أطروحة نسبية لأنها ترسم حدود التحرر الذي إذا تجاوز حدود العقل أو الدين انقلب إلى فوضى فالتحرر المستمر على الطبيعة أدى إلى انحراف الإنسان و استبداده وضلالته وجهله لخبايا الكون ، وأدى هذا إلى زعزعة نظام البيئة والتأثير على المحيط بوسائل وطرق غير أخلاقية فالحرية قبل كل شيء هي شعور ووعي وإدراك قبل أن تكون عمل وممارسة .

التركيب: الحرية بين الشعور والممارسة مشكلة لا يزال بابها مفتوح وإن كان يمكن رده قليلا وذلك بكون أن الحرية لا تتحقق إلا عندما ينتقل الإنسان من مستوى الممارسة فتنقلب الحرية إلى تحرر وينال الإنسان الحرية التي يستحقها على حد تعبير غوسدروف" ينال المرء دائما الحرية التي هو أهل لها والتي هو قادر عليها".

الخاتمة وهي حل المشكلة : ومجمل القول أن الحرية مسألة فلسفية عرفت منذ تاريخها الطويل طرحين: "طرح كلاسيكي"وطرح "واقعي" وبقيت تتأرجح بينهما ، فالحرية شعور والحرية ممارسة ومما سبق تحليله نستنتج أن الحرية تنطلق من الوعي والشعور وتتجلى في الممارسة.

تعليقات

عدد التعليقات : 0